لماذا يخاف النظام العالمي من الديمقراطيات؟ قراءة في التواطؤ مع الاستبداد

بواسطة  حمزة حسن
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024
لماذا يخاف النظام العالمي من الديمقراطيات؟ قراءة في التواطؤ مع الاستبداد

الأنظمة الدولية، بما فيها القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية، ترفع شعارات الحرية والديمقراطية، لكنها في الواقع تنحاز دائمًا إلى مصالحها الخاصة، حتى لو كان الثمن دعم الأنظمة الاستبدادية أو التواطؤ مع القمع.

المصالح قبل القيم

النظام العالمي قائم على المصالح الاقتصادية والسياسية، التي تتجاوز في الغالب القيم الإنسانية. فالدول الكبرى، سواء في الشرق أو الغرب، تحرص على استقرارٍ يخدم نفوذها واستراتيجياتها، حتى لو تحقق ذلك عبر أنظمة قمعية. بالنسبة لها، استقرار استبدادي أفضل من فوضى قد تهدد مصالحها.

الخوف من الديمقراطية الحقيقية

النظام الدولي لا يخشى الاستبداد بقدر ما يخشى الحركات الشعبية التي تطالب بالحرية والمساواة. الديمقراطية الحقيقية والأنظمة اللامركزية قد تهدد معادلات الهيمنة الحالية، لذا تُفضّل هذه القوى التعامل مع أنظمة قوية حتى لو كانت قمعية، لأنها تضمن استمرار النفوذ والمصالح.

إعادة إنتاج الاستبداد

ليس جديدًا أن تسهم القوى العالمية في إعادة إنتاج الاستبداد بعد ثورات شعبية. فبدلًا من دعم التحولات الديمقراطية، تُعاد صياغة السلطة بما يحقق "الاستقرار" وفق احتياجاتها، على حساب تطلعات الشعوب للحرية.


كيف يتجلى هذا الانتهاك للقيم الإنسانية؟

ازدواجية المعايير

هناك فجوة صارخة بين الخطاب والممارسة: القوى الكبرى ترفع شعارات الحرية لكنها تدعم الاستبداد على الأرض. هذه الازدواجية تكشف الوجه الحقيقي للنظام الدولي الذي يضع ميزان القوة فوق كل اعتبار إنساني.

دعم القمع والقتل

الأنظمة المدعومة من القوى الكبرى غالبًا ما تمارس القتل الجماعي، التعذيب، الاعتقالات، والانتهاكات الوحشية. لكن المجتمع الدولي يتغاضى عنها لأنها تؤمّن مصالحه طويلة الأمد.

صمت المجتمع الدولي

حتى حين ترتكب جرائم ضد الإنسانية، يبقى المجتمع الدولي صامتًا أو متواطئًا. فالدول التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان غالبًا ما تتجاهل القمع إذا كان النظام المستبد يخدم مصالحها.

هل يمكن تغيير هذا الواقع؟

الوعي الشعبي هو الأمل

رغم قوة هذه المعادلات، يبقى الوعي الشعبي والحركات المستمرة مصدر الأمل الحقيقي. فالتاريخ يثبت أن إرادة الشعوب قادرة على كسر أعتى الأنظمة الاستبدادية، مهما طال الزمن.

دور الإعلام والمجتمع المدني

الإعلام الحر والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني يمتلكون أدوات مهمة لفضح الانتهاكات. ورغم التضييق، فإن تراكم الضغط الداخلي والخارجي قد يسهم في كشف القمع والحد منه.

الحلول من الداخل لا الخارج

التغيير الحقيقي لن يأتي من قوى دولية طالما أن مصالحها مرتبطة بالاستبداد. التغيير يجب أن ينبع من الداخل، عبر بناء حركات مقاومة قادرة على فرض واقع جديد.


الخلاصة

النظام الدولي لا يسعى إلى الحرية أو العدالة، بل إلى حماية مصالحه عبر دعم المستبدين. لكن الشعوب، برغم الثمن الباهظ، هي القادرة على صناعة التغيير. الطريق طويل وصعب، لكنه يمر عبر الوحدة والمقاومة الداخلية، من أجل بناء نظام عادل يحمي حقوق الإنسان ويضمن الحرية للجميع.

الوسوم
#سوريا #الثورات العربية #النظام العالمي #الاستبداد #التواطؤ الدولي #الديمقراطية #السياسة الدولية #النظام السوري #المعارضة السورية #التدخلات الخارجية #حقوق الإنسان #التحليل السياسي #الشرق الأوسط #بشار الأسد #التحركات العربية #الصراعات الإقليمية #الفصائل المسلحة #دعم الدول #الاستقرار السياسي #الثورة السورية
مقالات أخرى
لماذا لن تتخلى روسيا بسهولة عن سوريا؟ قراءة في حسابات موسكو الاستراتيجية
المقال السابق
لماذا لن تتخلى روسيا بسهولة عن سوريا؟ قراءة في حسابات موسكو الاستراتيجية
السلم الأهلي في سوريا: مصالحة أم إعادة إنتاج لنظام الأسد؟
المقال التالي
السلم الأهلي في سوريا: مصالحة أم إعادة إنتاج لنظام الأسد؟