هل تتحوّل السويداء إلى "كوباني" جديدة؟

قراءة في الفخاخ الاستراتيجية وتكرار سيناريوهات الانهيار
كانت معركة كوباني هي الفخ الذي تسبب في انهيار "داعــ...ـــش" داخليًا، ثم تلاه الانهيار الخارجي المتسارع. وهي المعركة التي تحوّلت إلى رمز تاريخي لانكسار مشروع التنظيم على أبواب مدينة كردية صغيرة، لكنها كانت غنية بالرمزية، وقاسية في الكلفة.
فهل نشهد اليوم تكرارًا لذلك السيناريو في السويداء؟
هل تتحوّل المدينة إلى "كوباني" جديدة بالنسبة لأحمد الشرع؟
هل ينسحب منها ويفقد هيبته كرئيس، أم يرى توافقًا مع إسرائيل يضمن له "خروجًا مشرفًا"، أم يفرض سيطرته عليها بقوة السلاح؟
السيناريوهات كثيرة، والخيارات متشعبة. أما التصريحات الأمريكية عن رفض الفيدراليات والانفصال، كتصريحات توم باراك، فلا تبدو مقنعة ضمن سياق التحولات على الأرض، خاصة أن المسار الفيدرالي يُعاد طرحه كلما ضاقت مخرجات الحلول المركزية.
كوباني: المعركة التي كانت فخًا
لفهم خطورة المقارنة، لا بد من العودة إلى تفاصيل ما جرى في كوباني.
كانت المعركة بالنسبة لـ"داعــ...ـــش" محاولة لفرض الهيبة وبسط السيطرة على كامل الشمال الشرقي لسوريا. المدينة كانت معقلًا للأكراد، وتحولت لاحقًا إلى رمز قومي لهم. تركيا، في تلك اللحظة، كانت ترغب ضمنيًا بانتصار التنظيم، لاعتبارات تتعلق بالميزان الكردي، خاصة أن سيطرة "داعــ...ـــش" على كوباني كان سيمنع تشكل شريط كردي حدودي موالٍ لحزب العمال.
لكن التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، تدخّل بقوة.
الضربات الجوية المكثفة، ووقف الدعم غير المباشر الذي كان يصل للتنظيم، وتجميد صمت أنقرة، كلها أدت إلى تحول المعركة إلى كارثة استراتيجية للتنظيم.
وبحسب بعض التقديرات، فقد "داعش" أكثر من 12 ألف مقاتل (بحسب ما ذكره مقاتلي التنظيم حينها بينما كانت المراصد الخارجية تقول أنه فقط ألف قتيل) في معركة كوباني وحدها، وهي خسارة بشرية هائلة لم تُعوّض.
رغم إدراك التنظيم لخطورة المعركة، تمسّك بها حتى النهاية، حرصًا على صورته كقوة لا تُهزم.
وكان العـ...ـدناني، الناطق باسم التنظيم حينها، يؤكد على "الثبات"، رغم اعترافه الفعلي بصعوبة المعركة وضخامة الخسارة.
السويداء: هل يُعاد إنتاج الفخ؟
السؤال الآن: هل تتحوّل السويداء إلى كوباني أخرى، ولكن على يد مشروع مختلف؟
هل تُستدرج قوات الشرع إلى معركة استنزاف تُنتج واقعًا جديدًا، تمامًا كما حدث بعد كوباني، حين تشكّلت لاحقًا قسد، وتحولت إلى الذراع الأمريكية الأقوى في سوريا وتمددت في مناطق تنظيم داعــ...ـــش حتى أبتلعتها ؟
هل نحن أمام تكرار تكتيكي لنفس الفخ ولكن بوجوه جديدة، وأدوات مختلفة؟
المشهد لا يزال غامضًا، والمخططات غير مكتملة الملامح.
لكن من الواضح أن كل معركة كبيرة في سوريا لا تنتهي بخسارة عسكرية فحسب، بل تبدأ بعدها تحولات استراتيجية كبيرة، إقليمية ودولية.
فهل السويداء هي البداية القادمة؟