هل ما زال تليجرام آمنًا بعد رسالة دوروف؟
رسالة بافل دوروف الأخيرة لم تمر مرور الكرام، خصوصًا أنها لم تكن مجرد تعليق شخصي بمناسبة عيد ميلاده، بل أقرب إلى بيان سياسي ـ أمني مليء بالتحذيرات. وبين السطور، بدا واضحًا أن الرسالة موجهة أيضًا إلى مستخدمي تليجرام نفسه، المنصة التي أسسها واشتهرت كأحد الملاذات الرقمية الأخيرة للخصوصية.
من الإنذار العام إلى الرسالة الخاصة
حين قال دوروف إن "ما كان وعدًا بتبادل المعلومات بحرية يتحول الآن إلى أداة التحكم القصوى"، فهو لم يصف حالة الإنترنت فقط، بل أرسل إنذارًا مبطنًا بأن حتى المنصات التي صُممت لحماية المستخدمين من الرقابة، مثل تليجرام، أصبحت بدورها تحت الضغط.
تشريعات الاتحاد الأوروبي حول "المسح الجماعي للرسائل الخاصة"، ومساعي بريطانيا لفرض الهوية الرقمية، ومحاولات أستراليا لفرض فحوصات عمرية، كلها لا تُترك اختيارية أمام الشركات؛ بل تُفرض عليها بالقانون.
التشفير تحت الحصار
واحدة من أخطر إشارات دوروف كانت حول مستقبل التشفير. فعندما تتحدث الحكومات عن "المنافذ الخلفية"، فهذا يعني أن التطبيقات المشفرة ستُجبر، عاجلاً أو آجلاً، على خلق آلية تتيح الاطلاع على الرسائل بحجة الأمن أو الحماية.
بالنسبة لمستخدمي تليجرام، فهذا يعني أن "المحادثات السرية" أو "التصفح المخفي" لا يمكن اعتباره حصنًا مطلقًا. حتى لو لم يختر دوروف طواعية تقديم هذه المنافذ، فإن الضغوط القانونية قد تُفرض عليه بشكل يجعله عاجزًا عن المقاومة.
"الوقت ينفد" – تحذير مباشر
عندما ختم دوروف رسالته بعبارة "نحن وقتنا ينفد"، فهي لم تكن مجرد جملة درامية. في القراءة الأمنية، هذه العبارة تعني أن:
-
هامش الحرية المتبقي لتطبيقات مثل تليجرام يضيق بسرعة.
-
قدرة المؤسسين والمطورين على المقاومة الفردية تنكمش أمام منظومات قانونية وأمنية عابرة للحدود.
-
المستخدم الذي يظن أن تثبيت تطبيق مشفر يكفي لحمايته، يعيش في وهم لم يعد يتناسب مع الواقع الجديد.
هل ما زال تليجرام آمنًا؟
الإجابة المعقولة بعد رسالة دوروف: تليجرام ما زال أكثر أمانًا نسبيًا من بدائل كثيرة، لكنه لم يعد حصنًا مطلقًا.
-
التشفير موجود، لكنه مهدد بالتقويض عبر التشريعات.
-
السيرفرات محمية، لكنها تحت ضغط الملاحقات والتهديدات.
-
المنصة مستقلة، لكنها محاصرة في بيئة دولية تدفع باتجاه الرقابة الكاملة.
الخلاصة
ما يقوله دوروف بين السطور لمستخدميه هو:
لا وجود لتطبيق آمن بشكل مطلق، حتى تليجرام. مرحلة التصفح أو المراسلة السرية كما عرفناها تقترب من نهايتها. التشريعات والضغوط التقنية ستجعل أي منصة خاضعة للمراقبة بدرجة أو بأخرى. الأمان لم يعد وعدًا تقنيًا تقدمه الشركات، بل عبئًا على الأفراد والمجتمعات لحماية أنفسهم بوعي وأدوات متعددة.