نتنياهو بين الاعتراف بالهزيمة وصناعة انتصار وهمي: قراءة بين السطور

نتنياهو بين الاعتراف بالهزيمة وصناعة انتصار وهمي: قراءة بين السطور

بقلم حمزة حسن 

تحتّم تداعيات المعركة في الشمال على نتنياهو أن يعلن هزيمته العسكرية في غزة بطريقة تبدو وكأنها انتصار في الأيام المقبلة. فمع تزايد الضغوط على نتنياهو مؤخرًا للاستجابة لمطالب اليسار الإسرائيلي بإنهاء الحرب وبدء مفاوضات لتحرير الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس في قطاع غزة، يبدو أنه سيرضخ لهذه الضغوط قريبًا. رغم ذلك، يدرك نتنياهو أن إعلان إنهاء الحرب يعني بدء معركة سياسية داخلية قد تؤدي إلى سقوطه من الساحة السياسية الإسرائيلية، وهو ما يحاول تجنبه، على الأقل حتى تتضح نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة التي قد تأتي بحليف يدعم سياساته بالكامل، خلافًا لبايدن.
إخفاقات الجيش الإسرائيلي في غزة:
في ظل عدم قدرة إسرائيل على القضاء على حركة حماس بعد معركة ممتدة لأكثر من 9 أشهر، بدا الجيش الإسرائيلي وكأنه لم يحقق شيئًا سوى قتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، دون تحرير العشرات من أسراه، بل وفقدان العديد منهم في العمليات المفترضة لتحريرهم. هذا الوضع الداخلي أثار الغضب والسخرية في إسرائيل، مع تزايد وتيرة التظاهرات المطالبة بعزل نتنياهو أو الضغط عليه للموافقة على صفقة تبادل رهائن. يقود هذه الحملات السياسية الداخلية اليسار الإسرائيلي، الذي يسعى لكسب نقاط سياسية قد تمكنه قريبًا من تشكيل حكومة يسارية شبه كاملة تحظى بدعم شعبي واسع في ظل الأوضاع الراهنة.

التحديات المرتقبة في معركة الشمال:

إذا كان هذا هو الحال بالنسبة للجيش الإسرائيلي الذي يقاتل في قطاع غزة، حيث فقد ما يقارب من 700 ضابط وجندي وأكثر من 5 آلاف مصاب في المعارك المستمرة، فكيف سيكون الوضع عند بدء معركة الشمال لمواجهة حزب الله اللبناني غير المحاصر، والذي حصل على إمدادات واسعة من إيران، ووفقًا لبعض التقارير، على دعم روسي وصيني مشترك؟.
لقد أعلنت حماس بشكل مفاجئ خلال المعارك بدخول انظمة السهم الاحمر الصينية في ترسانتها العسكرية لمواجهة الجيش الإسرائيلي حيث استخدمته ولأول مرة في معارك رفح لترسل عدة رسائل للجيش الإسرائيلي بأنها لم تستخدم بعد كافة ترسانتها العسكرية في المعارك وربما تشير أيضا إلى أنها استطاعت بشكل ما الحصول على سلاح جديد من قبل الصين وحلفائها خلال المعارك مما يعزز المخاوف الإسرائيلية ويثير لديها الشكوك حول كيفية حصول الحركة على مثل هذه النوعيات من الأسلحة ويؤكد في نفس الوقت الشكوك حول الدعم الروسي الصيني.

استعدادات حزب الله لمعركة الشمال:

مكنت إدارة حركة حماس للمعركة في قطاع غزة وإطالة أمدها من تجهيز باقي الحركات العسكرية الأخرى، وخصوصًا حزب الله، لمعركة محتملة في الشمال. استغلت هذه الحركات التسعة أشهر الماضية لإعادة تنظيم قواتها وتجميع الإمدادات اللازمة من إيران وحلفائها، وهو ما ظهر بوضوح في خطاب حسن نصر الله الأخير.
تُقدَّر قوات حزب الله في لبنان بأنها تفوق عدد مقاتلي حركة حماس بأضعاف والتي قدرتها بيانات الجيش الإسرائيلي بحوالي ٣٠ ألف مقاتل للحركة بينما وبحسب تصريح الأمين العام للحزب فإن عدد قواته قد فاقت 100 مقاتل فيما قالت صحيفة يسرائيل هيوم أن الأعداد قد تكون أكثر من ذلك بكثير، كما أن لديهم أسلحة أكثر تطورًا. كل هذه العوامل تجعل معركة الشمال المتوقعة عملية خاسرة ما لم تتدخل أمريكا بدعم عسكري وجنود. لكن هذا الدعم قد يؤدي إلى توسيع نطاق القتال في الشرق الأوسط وربما إلى تدخل مباشر من روسيا بعد تدخل إيران الذي يبدو حتميًا.

المخاوف الدولية من توسع الصراع:

بالنظر إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بلينكن وتصريحات العديد من قادة اليسار وبعض قادة الجيش الإسرائيلي، يبدو واضحًا أن هناك خوفًا أمريكيًا من توسع رقعة الصراع مع حزب الله في الشمال. هذا الخوف ينبع من احتمالية تأثير الصراع على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ومنح روسيا ذرائع للتدخل، بالإضافة إلى تجاهل الوضع في أوكرانيا، مما يضع أوروبا في موقف حرج إذا نجحت روسيا في تحقيق أهدافها هناك. كما أن التوسع في الصراع قد يجبر الدول الغربية على الاختيار بين دعم إسرائيل أو أوكرانيا، مما يعزز الفرص الصينية لاحتلال تايوان استغلالا للوضع.
الوسوم
#غزة #حماس #حزب_الله #رفح #نتنياهو #بايدن #ترامب
مقالات أخرى
معركة رفح الحالية: نتنياهو بين التصعيد في الشمال والضغوط الأمريكية
المقال السابق
معركة رفح الحالية: نتنياهو بين التصعيد في الشمال والضغوط الأمريكية
لماذا يسارع الجميع للتطبيع مع الأسد؟ تحليل تحركات القوى الدولية في سوريا
المقال التالي
لماذا يسارع الجميع للتطبيع مع الأسد؟ تحليل تحركات القوى الدولية في سوريا