السيسي للخليج: أنا فهمتكم، المسلماني يترجم والمعارضة تبارك بالصمت

بواسطة  حمزة حسن
الاثنين 11 أغسطس 2025
السيسي للخليج: أنا فهمتكم، المسلماني يترجم والمعارضة تبارك بالصمت

خلال اللقاء الذي جمع  بين عبد الفتاح السيسي بعدد من مسؤولي الإعلام، وأهمهم أحمد المسلماني — رئيس الهيئة الوطنية للإعلام والمستشار الإعلامي السابق للرئيس اﻷول بعد الانقلاب عدلي منصور — خرجت تصريحات لافتة تتحدث عن "الانتقال من القوة الصلبة إلى ترميم القوة الناعمة المصرية".

المسلماني، الذي لا يزال يحظى بجزء من الاحترام داخل بعض دوائر المعارضة المصرية وخصوصا غير الإسلامية منها، نقل عن السيسي دعوته لإعادة إحياء أدوات القوة الناعمة مثل الإعلام، الثقافة، الفنون  والتعليم، كما جاءت تلك الدعاوى مقترنة بالتركيز على "بناء الشخصية المصرية" و"استيعاب المعارضة بطريقة متوازنة" وعدم معاقبة من يختلف في الرأي.


قراءة سياسية: إعادة فتح القنوات… ولكن ليس للجميع

من خلال تلك الرسائل والتي إذا وضعت في سياقها تشير إلى أن السيسي يسعى - إن كان صادقا - لفتح مسار سياسي أوسع عن طريق إعادة فتح قنوات الاتصال والتواصل مع التيارات اليسارية والليبرالية والقومية وبعض الشخصيات العامة المصرية المعارضة أو الرافضة لبعض تصرفات السيسي منذ توليه الحكم بعد الانقلاب العسكري.

ويسعى السيسي من خلال هذا المسار إلى إعادة خلق حالة من الهدوء مع تلك التيارات غير المحسوبة على التيار الإسلامي بشكل يشبه الحالة التي كانوا عليها في خلال إنقلاب 30 يونيو، هذا التقارب وتلك الحالة بالتأكيد ستخفف من حدة الضغوطات الدولية والحقوقية على النظام المصري الحالي.

كما يحاول السيسي من خلال هذا المسار إلى إعادة طمأنة الخليج مرة أخرى بعد فترة طويلة من المشاحنات بين الخليج ونظام السيسي والتي ظهرت جلية خلال الأزمة الفلسطينية في غزة منذ أكتوبر 2023، فالخليج يسعى كما أشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكثر من مرة إلى منطقة هادئة مستقرة تحقق رؤية 2030، وبسبب هذا المنطق سعت السعودية وغيرها من الدول في دعم السيسي ماديا بعد الانقلاب العسكري أملا في أن يحقق هذا التوازن الداخلي لكنه فشل في ذلك، واليوم وبعد أكثر من 13 سنة لا يزال الشارع المصري يغلي ولا تزال الثورة في رؤوس الكثيرين، ولذلك يحاول السيسي طمأنة تلك الدول بأنه لن يكون حجر عثرة في طريق رؤية 2030 على طريقة الرئيس التونسي الأسبق بن علي : أنا فهمتكم.

بعبارة أخرى، السيسي يلعب بذكاء على وتر "التجزئة السياسية": احتواء بعض أطراف المعارضة وترك أخرى في حالة عزلة.


القوة الناعمة… أداة أمنية بامتياز


لقد شككت مسبقا في نوايا السيسي وإن كنت أرى أن مصر ستمر بتلك المرحلة من الهدوء مع تلك التيارات التي لديها مشاكلها الخاصة مع التيار الإسلامي، وسيعمل السيسي خلال تلك المرحلة على ضمان أن تبقى المؤسسات الإعلامية والثقافية الكبرى غير مستقلة بل تعمل ضمن خطوط مرسومة لها بإمتياز من قبل الأجهزة الأمنية.

كما وسيعمل على خلق حالة من الانفتاح أو الاستيعاب المشروط والمراقب بجودة عالية لضمان ولاء الفاعلين في هذه المساحات بشكل مضمون وضمان عدم خروجهم عن الحدود المسموح بها.

إن الهدف الأسمى للسيسي خلال هذه المرحلة ليس إعادة إطلاق المجال العام بل ضبطه وإعادة تشكيله بما يخدم مصالح نظامه ويضمن بقاءه واستمراره داخليا وخارجيا.

بهذا المعنى، ما يسميه السيسي "ترميم القوة الناعمة" قد يكون في جوهره هو مجرد إعادة هندسة للمشهد الإعلامي والثقافي من أجل تقليل التوترات والضغوط، لا تحريره.


المعارضة… خارج اللعبة؟


اللافت أن المعارضة المصرية في الخارج، حتى الآن، لم تُبدِ أي مرونة أو محاولة حقيقية للتواصل مع الخليج أو مع القوى السياسية المدنية لصياغة بديل توافقي ورسم خارطة طريق للمستقبل بما يضمن مشاركة الجميع، ولو بشكل تكتيكي.



بدلًا من ذلك، تستمر قنوات المعارضة وإعلامها في مهاجمة الجميع دون تمييز أو تحييد، مما يعزلها أكثر ويترك الساحة لخطط النظام واستراتيجياته وكأن المعارضة تعمل على مساعدة السيسي بدلا من الوصول إلى حالة التغيير المطلوبة.


وفي النهاية،تصريحات المسلماني قد تبدو للوهلة الأولى خطابًا ناعمًا عن الثقافة والفنون، لكنها في العمق إشارة سياسية: إعادة ضبط المشهد بحيث يُستوعب ما يمكن استيعابه، ويُحيد ما يمكن تحييده، وكل ذلك تحت إدارة أمنية محكمة.

السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان النظام مستعدًا لفتح قنوات مع خصومه السابقين — ولو جزئيًا — فهل لدى المعارضة خطة لاستغلال هذا الانفتاح، أم ستبقى خارج اللعبة مكتفية بالتعليق على مجرياتها من بعيد؟


الوسوم
#السيسي #المسلماني #المعارضة المصرية #محمد بن سلمان
مقالات أخرى
طه: ساعة ونصف من الصمت الذي لم تعرفه المعارضة منذ عشر سنوات
المقال السابق
طه: ساعة ونصف من الصمت الذي لم تعرفه المعارضة منذ عشر سنوات
مجلس الأمن يضغط على أحمد الشرع… ويبعث برسائل مشفرة إلى أنقرة وموسكو
المقال التالي
مجلس الأمن يضغط على أحمد الشرع… ويبعث برسائل مشفرة إلى أنقرة وموسكو