لماذا يخاف النظام العالمي من الديمقراطيات؟ قراءة في التواطؤ مع الاستبداد

لماذا يخاف النظام العالمي من الديمقراطيات؟ قراءة في التواطؤ مع الاستبداد

بقلم : حمزة حسن

الأنظمة الدولية، بما في ذلك القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية، غالبًا ما تروج لمبادئ الحرية والديمقراطية، ولكن في الواقع، كثيرًا ما تدافع عن مصالحها الخاصة، حتى لو كان ذلك يعني دعم الأنظمة الاستبدادية أو التواطؤ مع الأنظمة القمعية.

المصالح السياسية والاقتصادية:

النظام العالمي قائم على المصالح الاقتصادية والسياسية، وهذه المصالح غالبًا ما تتجاوز القيم الإنسانية والحقوقية. الدول الكبرى، سواء في الشرق أو الغرب، تسعى للحفاظ على نفوذها واستمرار استراتيجياتها في المنطقة، وتُفضل الاستقرار الذي يُمكّنها من تحقيق هذه المصالح، حتى لو كان هذا يعني التعاون مع الأنظمة الاستبدادية.
الخوف من الفوضى والأنظمة اللامركزية:
النظام الدولي غالبًا ما يخشى من انتشار اللامركزية أو الأنظمة الديمقراطية الحقيقية التي قد تؤدي إلى تهديد مصالحه. الحركات الشعبية التي تطالب بالحرية والمساواة قد تُعتبر تهديدًا للترتيبات الحالية التي تقوم على القوة والهيمنة. لذلك، تفضل هذه القوى دعم أنظمة قوية حتى لو كانت قمعية لضمان استمرار الاستقرار الذي يحقق مصالحها.

إعادة إنتاج الاستبداد:

إعادة إنتاج أنظمة استبدادية ليس أمرًا جديدًا، فقد حدث في عدة دول بعد ثورات شعبية أو تغييرات سياسية، حيث تدفع القوى العالمية نحو إعادة ترتيب السلطة بطريقة تضمن استقرارًا أكثر وفقًا لاحتياجاتها الاستراتيجية. وهذه العملية غالبًا ما تكون على حساب حرية الشعوب.
كيف يعكس هذا الانتهاك للقيم الإنسانية؟

ازدواجية المعايير:

هناك ازدواجية صارخة في كيفية تعامل هذه القوى مع قضايا الحرية والديمقراطية. فبينما تروج لهذه المبادئ في الخطابات، تجد أنها تدعم الأنظمة القمعية في الواقع. هذه الانتهازية تُظهر الوجه الآخر للنظام الدولي، الذي لا يهتم بالقيم الإنسانية بقدر ما يهتم بالحفاظ على موازنات القوة.

القتل والانتهاك:

الأنظمة القمعية التي يتم دعمها من قبل القوى الكبرى غالبًا ما تستخدم العنف والقتل لفرض سلطتها، وهذا يشمل القتل الجماعي، الاعتقالات التعسفية، التعذيب، والانتهاكات الوحشية. الأنظمة التي تمارس هذه الأفعال تُعتبر خطرًا على الإنسانية، لكن القوى الدولية غالبًا ما تغض الطرف عن ذلك لأنها تضمن مصالحها على المدى البعيد.

صمت المجتمع الدولي:

في العديد من الحالات، لا يتحرك المجتمع الدولي بالشكل المطلوب لمحاسبة الأنظمة القمعية على جرائمها ضد الإنسانية. بل إن الدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان غالبًا ما تغض الطرف أو تتواطأ مع هذه الأنظمة بسبب مصالحها.

هل يمكن تغيير هذا الواقع؟

الوعي الشعبي والحركات المستمرة:
رغم كل هذا، فإن الوعي الشعبي والحركات الاحتجاجية لا تزال تمثل الأمل في تحقيق التغيير. في النهاية، الشعوب التي عانت من الظلم هي التي يمكن أن تقود التغيير الحقيقي. التغيير الذي يتطلب نضالًا طويلًا، ولكن التاريخ أثبت أن إرادة الشعوب أقوى من كل الأنظمة الاستبدادية.

دور الإعلام والمجتمع المدني:

الإعلام المستقل والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني يمكن أن يكون لهم دور في فضح الانتهاكات ورفع الوعي حول هذا الظلم. رغم وجود مقاومة شديدة من الأنظمة، إلا أن الضغط الداخلي والدولي من خلال هذه المنظمات قد يسهم في فضح الفساد والقمع.

البحث عن حلول محلية:

ربما التغيير لا يأتي من الخارج بقدر ما يأتي من الداخل. الأنظمة الدولية التي تدعم الأنظمة الاستبدادية لن تكون قادرة على تغيير الوضع إلا إذا كانت الشعوب قادرة على بناء حركات مقاومة قوية داخل بلدانها.

الخلاصة

النظام الدولي لا يسعى حقًا لتحقيق الحرية والعدالة، بل يسعى لتحقيق مصالحه من خلال دعم الأنظمة القمعية والمستبدة. لكن رغم هذه الظروف، الشعوب هي التي ستصنع التغيير، وإن كانت الطريق طويلة وصعبة. الأمر يتطلب وحدة وتعاون داخلي مستمر لمواجهة الظلم وبناء نظام عادل يضمن حقوق الإنسان والحرية للجميع.
الوسوم
#سوريا #الثورات العربية #النظام العالمي #الاستبداد #التواطؤ الدولي #الديمقراطية #السياسة الدولية #النظام السوري #المعارضة السورية #التدخلات الخارجية #حقوق الإنسان #التحليل السياسي #الشرق الأوسط #بشار الأسد #التحركات العربية #الصراعات الإقليمية #الفصائل المسلحة #دعم الدول #الاستقرار السياسي #الثورة السورية
مقالات أخرى
لماذا لن تتخلى روسيا بسهولة عن سوريا؟ قراءة في حسابات موسكو الاستراتيجية
المقال السابق
لماذا لن تتخلى روسيا بسهولة عن سوريا؟ قراءة في حسابات موسكو الاستراتيجية
السلم الأهلي في سوريا: مصالحة أم إعادة إنتاج لنظام الأسد؟
المقال التالي
السلم الأهلي في سوريا: مصالحة أم إعادة إنتاج لنظام الأسد؟