ما بعد معركة حماة وحلب: 3 سيناريوهات عربية للتعامل مع الثورة السورية

بعد الانتصارات التي حققتها المعارضة السورية في عمليتي ردع العدوان – الأكبر – وفجر الحرية، والتي أفضت إلى تحرير مدينتي حماة وحلب بالكامل من قوات النظام السوري، بدا سقوط النظام متسارعًا كنتيجة طبيعية لانشغال داعميه. فقد تخلى عنه الحليف الإيراني عبر فصائله اللبنانية والعراقية المنهمكة في حرب حزب الله مع إسرائيل – والتي خسر فيها الحزب أكبر عدد من مقاتليه منذ تأسيسه – كما انشغلت روسيا بمعاركها في أوكرانيا وسحبت أبرز قادتها العسكريين من سوريا.
هذه الظروف خلقت فراغًا عسكريًا كبيرًا استغلته الفصائل المعارضة التي كانت قد أعادت تنظيم صفوفها، فنجحت في توجيه ضربات حاسمة للنظام على الصعيد العسكري والسياسي والخدمي.
لكن لا يمكن للدول العربية أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التحول. فنجاح أي ثورة شعبية – خصوصًا إذا كانت مسلحة – يمثل تهديدًا وجوديًا لأنظمتها، حتى لو كان النظام المستهدف في الأصل غير مرغوب فيه عربيًا. الفكرة الأساسية بالنسبة لهذه الدول أن الأنظمة لا تسقط بتحرك الشعوب، بل بإرادتهم هم، وهذا هو جوهر الصراع.
خيار التخلص من الأسد سريعًا
قد تسعى بعض الدول العربية إلى التخلص من الأسد في الفترة المقبلة عبر انقلاب داخلي أو تصفيته، لتفرض على المعارضة الدخول في مفاوضات سياسية تُحرجها أمام المجتمع الدولي إن رفضت. عندها سيكون من السهل فرض بديل أشد استبدادًا – كما جرى في تجارب الربيع العربي السابقة – مما يضع الثورة في مأزق سياسي وعسكري. لكن هذا السيناريو محفوف بالمخاطر، إذ قد يحوّل سوريا إلى نسخة أخرى من ليبيا.
خيار دعم الأسد من جديد
الخيار الأكثر تفضيلًا لدى بعض الأنظمة العربية هو دعم بقاء الأسد وتمويله ماديًا وعسكريًا، ربما عبر العراق أو بغطاء جوي عربي وبإشراف دولي. هذا الخيار مكلف وخطير، لكنه يوجه رسالة صارمة للشعوب العربية: "الثورات مصيرها القتل والتنكيل، والأمر بيدنا نحن لا بيدكم."
خيار إعادة إنتاج داعش
السيناريو الأخطر يتمثل في إعادة إحياء داعش – بشكل مباشر أو غير مباشر – لإضعاف الفصائل الثورية كما حدث في السنوات الماضية. عندها ستُتهم المعارضة مجددًا بالإرهاب، ويُعاد تشكيل تحالف دولي للقضاء على "داعش"، لكن الهدف الحقيقي سيكون القضاء على الثورة السورية وإجهاضها وهي في طور الصعود.
الخلاصة
قد تختلف الأحداث هذه المرة عما شهدناه سابقًا، لكن على ثوار سوريا أن يحسبوا لكل هذه السيناريوهات حسابها. فبنجاحهم في فرض السيطرة هذه المرة، لم يواجهوا النظام وحده، بل صنعوا عدوًا جديدًا: الأنظمة العربية التي ترى في انتصارهم تهديدًا مباشرًا لها.