الحرس الثوري: بين حماية السلطة وسقوط الرؤساء – دراسة حالة مرسي والشرع

الحرس الثوري: بين حماية السلطة وسقوط الرؤساء – دراسة حالة مرسي والشرع

بواسطة حمزة حسن
الأحد 28 سبتمبر 2025

بينما قامت قوى الإنقلاب العسكري في المنطقة العربية بصناعة حرسها الثوري الخاص بها تحت مسميات قانونية للهروب من المسائلة والربط المباشر مع الشكل الإيراني قام الشرع بتجريد نفسه من حرسه الثوري الذي قاد به الثورة السورية لإسقاط بشار الأسد.

ينبغي للشرع أن يحتفظ بحرسه الثوري إذا ما أراد لنفسه البقاء في الحكم أو قيادة ثورته الى النجاح، والحرس الثوري ليس مصطلحا خاصا بالحالة الإيرانية بل هي حالة متنوعة ومنتشرة في الشرق الأوسط برمته من الخليج إلى المحيط.

يكمن الفارق الوحيدفي  أن إيران أطلقت على فيلقها الحرس الثوري بينما قامت الأنظمة الاخرى في المنطقة بتحويل الجيوش النظامية والأجهزة الأمنية إلى حرس ثوري متخف في عباءة أخرى مهمته الحفاظ على شكل الحكم الحالي وضمان وصول شخصيات محددة مرضي عنها إلى سدة الحكم حتى لا تحيد الدولة عن الدور المرسوم لها من قبل المتحكمين فيها على غرار إيران، ربما يمكن القول بأن إيران أخذت هذه الفكرة من الأنظمة العربية المحيطة بها وليس العكس ولكنها لم تحسن اختيار الإسم كما ظهر بعد ذلك.


تجربة الجيش المصري والحرس الثوري القانوني

ولنضرب مثالا،الجيش المصري هو الشكل الأكثر قانونية وقابلية لدى الأوساط الغربية كمعبر عن فكرة الحرس الثوري في مصر، والذي يتدخل حين يظن أن الدولة قد بدأت تأخذ مسارا بعيدا عن أيدلوجيته الفكرية والعقدية والمتمثلة في إيجاد دولة تتبنى مزيجا مختلطا من الأفكار اليمينية واليبرالية والشيوعية والإشتراكية بشكل يبدو أنه قد جمع أسوأ ما في هذه الأيدلوجيات لكنه مازال يحتفظ بشكل قانوني يعجب النظام الدولي وخصوصا داعميه من الدول الغربية.

فور الإنقلاب العسكري وعقب الإطاحة خلال سنوات ما تلت الإنقلاب بأكثر الشخصيات العسكرية التي قد تهدد بقاءه  قام السيسي بتحسين وضعية الجيش كحرس ثوري في الدستور المصري عبر تعديلات 2019 والتي منحت الجيش حق التدخل والحفاظ على مدنية الدولة والديموقراطية، مما جعل الجيش المصري وصيا على الشعب المصري ونظام الحكم رهن رضى الجيش وهذا هو عين معنى الحرس الثوري، على الرغم من أن النظام المصري الحالي بقيادة السيسي هو نظام سلطوي قمعي ومع ذلك لم يتدخل الجيش لأن هذه هي الأيدلوجية التي يرتضيها وهنا قد يتضح تفسير كلمة "مكتسبات الشعب" بالنسبة للجيش.

المادة 200 من الدستور المصري : 

القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، والدولة وحدها هى التى تنشئ هذه القوات، ويحظر على أى فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية.

تجربة محمد مرسي والدروس المستفادة

ولهذا وحين وصل محمد مرسي إلى سدة الحكم لم يستطع الجيش أن يقاوم غريزته كحرس ثوري متخف وقانوني تم انشاءه بعد انقلاب يونيو 1952 وبادر سريعا في عدم إطاعة الأوامر واللعب بشكل مكشوف ضد الرئيس المنتخب حينها محمد مرسي وصلا لاسقاطه عبر انقلاب عسكري يلبس ثوربا ثوريا.

وفي تصريح لها يؤكد ذلك قالت السفيرة المصرية آن باترسون أن الجيش المصري هو من أطاح بمرسي وربما هو من سيطيح بالسيسي في المستقبل وجاءا ذلك التصريح قبل شهرين من تعديل السيسي للدستور ليعطي الجيش قانونيا ودستوريا حق تنفيذ الانقلابات العسكرية.

وعلى الرغم من كل الضمانات والمساندات الدولية التي نالها محمد مرسي حينها أو على الأقل عدم المعارضة الظاهرة لوصوله إلى الحكم فإن معظم الدول التي أبدت له الدعم الظاهري كانت في الحقيقة - تحت الغطاء-  تعمل بشدة وبسعي لإسقاطه والحول دون أن يكمل مدته الرئاسية وبالتالي يمكنه حينها أن يفكك الحرس الثوري المرضي عنه غربيا وإقليميا – الجيش المصري – ويعيد ترتيب حرس ثوري جديد خاص به قد يشكل تهديدا لدول الإقليم أو زعزعة للأنظمة المحطية التي اعتادت على الشكل الحالي.

التحديات التي تواجه الشرع

الشرع يمر بتلك المرحلة التي مر بها مرسي حيث الوعود الخلابة والاستقبال الحافل في محافل الأمم المتحدة وبين أيدي حكام أوروبا والمنطقة بل والكثير من وعود الاستثمارات وتوقيع اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتي لم يتم البدء في كثير منها حتى الأن على الرغم من توقيعها منذ أشهر مضت.

الشرع أيضا محاط بالكثير من دول المنطقة التي لا ترغب في بقاءه مهما قدم لهم من تنازلات فكرية وعقدية لأن صورته كرئيس لدولة جاء عبر حرب في حد ذاتها كلما تكررت أمام شعوبهم سببت لهؤلاء الحكام رعبا لا يمكن القبول به في أنظمتهم ويعطي إنبطاعا ولو بسيطا بأن الشعوب يمكن أن تتحرر من طغاتها عبر نفس الوسيلة.

كما أن القضاء على مشروع أحمد الشرع يعد هو الهدف الأسمى لتلك الأنظمة من أجل أن تؤكد لشعوبها أن الطريقة الوحيدة للتعايش في المنطقة هي الخضوع لحكام المنطقة وعدم منازعتهم أو المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة، بل على الشعوب أن تكون شاكرة لأن تلك الأنظمة تبقي لهم هواء يتنفسونه.

إن لم ينتبه الشرع لكل هذه العوامل ويتأكد من طبيعة الواقع السياسي المحيط به، فقد يواجه تحديات مشابهة لتلك التي واجهها مرسي، وفقًا لتطورات الأحداث السياسية السابقة. فمرسي، الذي وصل إلى الحكم عبر انتخابات حرة، انتهى به الحال ميتا في محبسه، مما يوضح مدى تعقيد المخاطر التي قد تواجه من يصل إلى السلطة عبر ثورة عسكرية.


التوازن بين الثوار والنظام السابق

منذ نجاح ثورته ووصوله إلى سدة الحكم، بدا أن الشرع قد قام بتقريب بعض ضباط النظام السابق وميليشياته على حساب جنوده الثوريين وفصائل الثورة الأخرى المرتبطة به فكريا، دون أن يفكر بالضرورة في مصالح الثورة وأهدافها الأصلية. وفي الوقت نفسه، لا تزال بعض أجهزة الأمن التابعة له والمستحدثة بعد الوصول لسدة الحكم تتصرف بقوة ضد المناصرين للثورة أو قدامى الثوار، ما يعكس الصعوبة في الحفاظ على توازن حقيقي بين العناصر الثورية والنظام السابق ويعطي مؤشرا غريبا عن أهمية كلا الطرفين بالنسبة له.



تنويه : هذا المقال هو تحليل شخصي وقراءة للأحداث السياسية والتاريخية، ولا علاقة له بدعم أو رفض أي من المسميات أو المؤسسات الواردة فيه. المعلومات الواردة مبنية على مصادر عامة وتحليل للأحداث، وجاءت بغرض عرض التحليل السياسي والتاريخي لا التشهير أو توجيه الاتهامات المباشرة.




المصادر:

    1. The Guardian. Mohamed Morsi, ousted president of Egypt, dies in court https://www.theguardian.com/world/2019/jun/17/mohamed-morsi-dead-ousted-president-egypt-collapses-after-court-session

    2. Ibanet.Morsi’s death highlights inhumanity of Egypt’s prisons. https://www.ibanet.org/article/1da07fd1-e1d2-451c-a29b-fcc045467c4c

    3. Constitute Project. دستور مصر 2019. https://www.constituteproject.org/constitution/Egypt_2019?lang=ar

    4. Wikipedia. Islamic Revolutionary Guard Corps. https://en.wikipedia.org/wiki/Islamic_Revolutionary_Guard_Corps

       


مقالات أخرى
ماذا أراد أن يقول السيسي في الأكاديمية العسكرية
المقال السابق
ماذا أراد أن يقول السيسي في الأكاديمية العسكرية
تسليم فضل شاكر لنفسه: اختبار القوة بين حزب الله والحكومة اللبنانية الجديدة
المقال التالي
تسليم فضل شاكر لنفسه: اختبار القوة بين حزب الله والحكومة اللبنانية الجديدة