معركة رفح الحالية: نتنياهو بين التصعيد في الشمال والضغوط الأمريكية

السبت 22 يونيو 2024

معركة رفح الحالية: نتنياهو بين التصعيد في الشمال والضغوط الأمريكية

بقلم: حمزة حسن

شهدت الأشهر الأخيرة تصعيداً خطيراً في الصراع بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في غزة حيث اشتد التوتر بشكل ملحوظ مع تدخل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، مما زاد من تعقيد الأوضاع في المنطقة العربية.
بينما ظل تدخل حزب الله في الشمال محدوداً نسبياً خلال السبعة أو الثمانية أشهر الماضية، جاءت وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته لتشعل نيران الصراع أكثر، ما زاد من حدة التوتر بين الأطراف المتنازعة على الرغم من أن التحقيقات الأولية الإيرانية خلصت إلى أن الوفاة كانت حادثة عرضية وليست مدبرة لكن ليس كل ما يُعلن يُصدق.
إسرائيل، في رد فعل عنيف بعد أحداث السابع من أكتوبر والتي بدأتها حركة حماس بالتوغل في مناطق غلاف غزة وأسر العديد من الرهائن الإسرائيلين ردا على التجاوزات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بحسب تصريحات قادة الحركة قبل وبعد بدء معركة طوفان الأقصى، زادت إسرائيل من عملياتها العسكرية في غزة والضفة الغربية، وقامت بعمليات اغتيال استهدفت قادة حزب الله في الشمال على الرغم من أن الحزب تدخل في بادىء الأمر بشكل خفيف جدا وكان يستهدف معدات عسكرية خالية من الجنود إلى أن جاء الحادث الشهير والذى آل إلى مقتل رئيس إيران ووزير خارجيته في تحطم الطائرة التي تقلهم.
وعلى الرغم من أن التحقيقات الأيرانية قد توصلت بشكل مبدئي إلى أن الحادث طبيعي وعرضي ولا شبهة جنائية فيه إلا أن تلك التصريحات قد يكون لها أسباب أخرى غير معلنة.
ومع ذلك فقد أدت هذه التصرفات من قبل الأطراف في مناطق شمال فلسطين المحتلة إلى تصاعد التوتر بشكل كبير، مما جعل المنطقة تتجه نحو مواجهة شاملة قد تشمل شمال إسرائيل وجنوب لبنان، وربما يتكرر سيناريو حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله.

من الواضح أن هناك توجهين متباينين في هذه المرحلة: الأول يميل إلى التصعيد الحاد نحو الحرب فيما يأتي التوجه الثاني الخاص بخفض التصعيد ومحاولة إحتواء الصراع وخصوصا من الجانب الأمريكي والمسؤولين الاسرائيليين المحسوبين على هذا الجانب في محاولة لدعم خطط بايدن من أجل الفوز بفترة رئاسية جديدة في الانتخابات الأمريكية المقبلة.

التوجه الأول: التصعيد نحو الحرب

يميل إلى التصعيد الحاد نحو الحرب، حيث فشلت كافة المفاوضات الأمريكية التي قادها المبعوث الأمريكي هوكشتاين في لبنان لخفض التصعيد. التصريحات الصادرة من المسؤولين الرسميين الإسرائيليين تعكس هذا التوجه، حيث يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى بشكل ما إلى خوض هذه الحرب، رغم المعارضة الداخلية من بعض الأعضاء في الجيش والحكومة
التوجه الأول يميل إلى التصعيد الحاد نحو الحرب، حيث فشلت كافة المفاوضات الأمريكية التي قادها المبعوث الأمريكي هوكشتاين في لبنان لخفض التصعيد. التصريحات الصادرة من المسؤولين الإسرائيليين تعكس هذا التوجه، حيث يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى بشكل ما إلى خوض هذه الحرب، رغم المعارضة الداخلية من بعض الأعضاء في الجيش والحكومة.
يبدو أن حلف نتنياهو (نتنياهو وغالانت وهاليفي)، في ظل الضغوط الداخلية والخارجية، يرى في الحرب وسيلة لتوحيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتوجيه الأنظار بعيداً عن المشاكل السياسية والاقتصادية الداخلية كما أنه يرى في إيقاف الحرب الكثير من المشاكل السياسية والقضائية التي ستلاحقه بعد عملية طوفان الأقصى والفشل الذريع الذي منيت به إسرائيل في هذا اليوم بالإضافة إلى عدم قدرتهم على تنفيذ ما وعدوا به في بداية الحرب من القضاء على حركة حماس في غزة والذي تم تخفيضة بعد ذلك ليصبح إضعاف الحركة والذي يبدو للناظر أنه لم يتحقق حتى الآن.

التوجه الثاني: محاولة التهدئة واحتواء الصراع

التوجه الثاني، وهو التوجه الذي يبدو أنه يحظى بدعم بعض القادة العسكريين والسياسيين في إسرائيل، يدعو إلى محاولة التهدئة واحتواء الصراع بدلاً من التصعيد. هذا التوجه يدرك خطورة الانزلاق إلى حرب شاملة قد تكون عواقبها كارثية على إسرائيل والمنطقة.
ويعكس هذا التوجه الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط لمنع اندلاع حرب شاملة قد تؤثر على مصالحها في المنطقة وفي نفس الوقت محاولة من الرئيس الأمريكي بايدن لكسب شعبية لدى المواطنين الأمريكان لمساعدته في الإنتخابات الأمريكية المزمع انعقادها بعد عدة شهور في منافسة شرسة مع ترامب.
في هذا السياق، يبدو أن الضغوط الأمريكية قد دفعت نتنياهو إلى محاولة إنهاء الصراع في غزة بشكل سريع ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن نتنياهو قد تخلى عن خططه للتصعيد في الشمال، ولكنه ربما يحاول تجنب حرب شاملة في الوقت الراهن.

بدلاً من ذلك، يمكن أن تكون هناك عمليات عسكرية محدودة تستهدف تقويض قدرات الفصائل المسلحة دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

معركة رفح الحالية

بدا واضحا للجميع أن نتنياهو يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية، خاصة من الولايات المتحدة وبعض القادة الإسرائيليين مثل غانتس. هذه الضغوط قد تدفع نتنياهو إلى محاولة إنهاء المعركة في غزة بشكل سريع خلال الأسابيع القادمة، حيث بدأت إسرائيل منذ الأول والعشرين من يونيو في عملية عسكرية موسعة في رفح، بهدف القضاء على قدرات حماس في تلك المنطقة، قبل التوجه نحو أي تصعيد محتمل في الشمال.
تشير الإستراتيجيات المتبعة في معركة رفح منذ الأمس إلى أن نتنياهو كان ينوي الدخول في حرب مع حزب الله، إلا أنه ربما بعد مشاورات مع الولايات المتحدة وغيرها، بدأ يفكر في إنهاء النزاع في غزة بسرعة خلال الأسابيع المقبلة نزولا إلى رغبة حلفائه وخوفا من أن تكون المعركة في الشمال أكبر مما هو متوقع خصوصا بعد التصريحات التي أدلى بها المسؤولين الإيرانيين حول مساعدة حزب الله وأن المعركة لو إنطلقت ستتحول الى معركة كبرى لا تخص لبنان فقط.
لقد كان من المتوقع أن تندلع معارك لبنان بعد خمسة أسابيع، ولكن منذ أمس، بدأت السفارات العربية والأجنبية تبلغ رعاياها بضرورة مغادرة لبنان، مما يشير إلى احتمال وقوع الحرب هناك بسرعة أكبر من المتوقع لكني أرى أن المعركة الحالية تشير إلى سيناريو آخر وهو محاولة إنهاء معركة رفح قبل هذه المهلة ومن ثم يبدأ بعدها الطرف الإسرائيلي في التوجه الى عمليات نوعية واغتيالات وإنهاء المعركة في غزة مما سيعيد المنطقة إلى الهدوء بشكل سريع وسيعلن هذا التوجه أن المعارك المتوقعة في لبنان لن تنطلق.
قد تتضمن الخطوات المستقبلية لإسرائيل عمليات اغتيال واسعة النطاق في الشمال، ربما بضربات محدودة وليست غزوًا أو قصفًا مكثفًا أو معارك عنيفة كما كان متوقعًا. هذا ما يمكن توقعه في الأسابيع المقبلة، حسب ما يظهر لي من تطورات اليومين الماضيين.
السؤال هو: هل سيخدم هذا السيناريو مصالح نتنياهو وفريقه، أو ربما الفريق الأمريكي؟ هل ستساعد الأيام في تحقيق هذا الهدف، أم ستجرهم إيران وروسيا إلى صراع معقد في الشرق الأوسط، مما يضعف دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأوكرانيا ويسهل لبوتين توسيع نفوذه في المنطقة؟ يبدو أن هذا هو المستقبل المحتمل الأكثر رغبة من الجانب الشرقي، ولكن لا نعرف بالضبط ما سيحدث خلال الأيام المقبلة فإن التخبطات الإسرائيلية خلال هذه المعركة شديدة جدا والقرارات يبدو أنها تخرج بشكل عشوائي أو متخبط مما يجعل سيناريو الوصول إلى حرب في الشمال متوقعا جدا ولكن يبدو أن سيناريو الهدوء هو الأكثر احتمالاً.

الخاتمة

إن الصراع الدائر في الشرق الأوسط لا يمكن فهمه بمعزل عن التعقيدات الإقليمية والدولية. التوترات الحالية بين إسرائيل وحماس، وتصاعد التدخلات الإقليمية من حزب الله والحوثيين والتلاعب الروسي لمواجهة التلاعب الأمريكي، تضع المنطقة على شفا مواجهة شاملة بينما تأتي الضغوط الداخلية والخارجية على إسرائيل لاعبة دور كبير في تشكيل استراتيجياتها، ومع ذلك، يبقى المستقبل غير مؤكد.
#غزة #حماس #حزب_الله #رفح #نتنياهو #بايدن #ترامب
العودة المفاجئة لعلي حسين مهدي: لغز التسريبات وضغوط السياسة الدولية
المقال السابق
العودة المفاجئة لعلي حسين مهدي: لغز التسريبات وضغوط السياسة الدولية
نتنياهو بين الاعتراف بالهزيمة وصناعة انتصار وهمي: قراءة بين السطور
المقال التالي
نتنياهو بين الاعتراف بالهزيمة وصناعة انتصار وهمي: قراءة بين السطور

مقالات متشابهة