معركة النقاط: دروس من أفغانستان إلى لبنان وفلسطين
الأحد 5 نوفمبر 2023

<?xml encoding="utf-8" ?>
من المعروف لدى الجميع أن حركة طالبان قد انتصرت على الجيش الأمريكي في المعركة التي دامت لما يقارب العشرين عامًا، فيما يمكن أن نسميه معركة النقاط. فقد خسرت الحركة والشعب الأفغاني الكثير من الضحايا خلال تلك السنوات، إذ بلغ عدد القتلى من مقاتلي طالبان والحركات المقاتلة الأخرى حوالي 51 ألفًا، ومن الشرطة الأفغانية وقوات الأمن حوالي 66 ألف عنصر.
في المقابل، فقد الجيش الأمريكي 2442 جنديًا وما يقارب 4000 مقاول أمريكي متعاون، بحسب إحصائية جامعة براون الأمريكية. وهذا يعني أنه مقابل كل جندي أمريكي مقتول، تم قتل 21 عنصرًا من طالبان، وهو رقم عسكري كبير وضخم.
ومع ذلك، ورغم كل تلك الأرقام، استطاعت طالبان في نهاية المطاف تحقيق النصر، بإجبار الجيش الأمريكي على الاعتراف بهزيمته، بل وانسحابه بالشكل المخزي الذي تم إذاعته عبر وسائل الإعلام.
هل كان الأمين العام لحزب الله اللبناني يقصد بمقولته أن المقاومة ستنتصر بالنقاط هذا المثال السابق؟
بالنظر إلى البيانات المتلاحقة لحزب الله منذ دخوله في معركة طوفان الأقصى، وهو ما أشار إليه الأمين العام للحزب، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يتعرض لخسائر شديدة على الجبهة الشمالية، لكنها خسائر اقتصادية وعسكرية أكثر من كونها خسائر بشرية.
على الصعيد الاقتصادي، ترك الآلاف من سكان المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية منازلهم وأعمالهم، وذهبوا إلى العمق الإسرائيلي بحثًا عن الأمن، هربًا من تهديدات حركات المقاومة اللبنانية بكافة أطيافها. تسبب هذا النزوح ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد الإسرائيلي من ناحية تركهم لأعمالهم، مما يعني فقدان مصادر دخل، ومن ناحية أخرى عبئًا ماليًا على الحكومة الإسرائيلية، التي اضطرت لتوفير ملاجئ ووسائل حياة لمواطنيها النازحين.
ويأتي هذا النزوح في ظل نزوح أكبر وأشد في الطرف الجنوبي لإسرائيل، حيث أصبحت مستوطنات غلاف غزة شبه فارغة، إلا من الجنود والآليات العسكرية.
يمكن القول إن حزب الله قد خسر جنودًا ومقاتلين بشكل أكبر في هذه المعركة حتى الآن، وهو ما يشابه عدد الخسائر في معارك طالبان ضد أمريكا، لكن من الواضح أن إسرائيل هي من يعاني أكثر، وظهر ذلك جليًا في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث قال إن الجيش الإسرائيلي مني بخسائر مؤلمة، ويبدو أن استخدامه لكلمة "مؤلمة" له دلالة واضحة على الواقع الحالي.
في الطرف الجنوبي، تبث حركات المقاومة الفلسطينية مشاهد مصورة تظهر بوضوح مشاكل تقنية وعسكرية حقيقية في المعدات والآليات الإسرائيلية، التي تعتمد عليها الحكومة الإسرائيلية في نجاح الاقتصاد العسكري للدولة.
ويبدو أيضًا أن هذه الأنواع من الآليات ستواجه صعوبات شديدة في المستقبل من قبل الدول التي ترغب في شرائها، بعد كل تلك المشاهد التي أظهرت نقاط ضعف هامة.
حمزة حسن