تحليل أمني لمقطع إعدام "داعش" لعنصر الأمن العام السوري في درعا

انتشر اليوم مقطع فيديو منسوب لتنظيم "داعش"، يوثّق فيه التنظيم تصفيته لعنصر الأمن العام السوري وائل ثابت عبار في محافظة درعا. وقد أعادت نشر المقطع قناة "أبو القاسم الحلبي" على تطبيق تلجرام، ولا يقتصر المقطع على كونه تسجيلًا لعملية إعدام، بل يمثل نموذجًا دعائيا مركبا يهدف إلى إرسال رسائل رمزية عن الاختراق والسيطرة.

أولًا: مسار المقطع وتداول النسخ

1. التصوير الأولي: تم تصوير المقطع بواسطة هاتف Infinix Note 11 (بصمته المائية ظاهرة) بشكل مموه في المقطع المنتشر.

2. النقل عبر واتساب: تم إرساله من حساب باسم "أبو رقية"، كرسالة "عرض لمرة واحدة" للشخص الذي قام بتصويره ومن ثم نشره.

3. إعادة التصوير: شخص آخر سجّل المقطع من شاشة هاتفه، وظهرت خلفية سجادة/فراش تحمل طابعا مميزا.

4. النشر العلني: النسخة المعاد تصويرها هي التي وصلت إلى تلغرام وانتشرت لاحقًا.
   
   

هذا المسار يكشف عن تسلسل تداول متعدد المستويات، يفتح المجال أمام تحليل الدائرة الاجتماعية للوسطاء للوصول إلى المصدر الأصلي.

ثانيًا: ملاحظات على المشاهد الميدانية

• الضحية: ظهر من الخلف مرتديًا زي الأمن العام مع شعار واضح على الظهر، وحذاءً رياضيًا أبيض به أجزاء خضراء تظهر بوضوح.

• القاتل: ارتدى زيًا أسود مطابقا تقريبا للباس الأمن العام، مع شارة "راية العقاب" على الذراع الأيسر، يُرجّح أنها غطّت الشارة الرسمية للأمن العام مما يوحي بأنه يرتدي زيا مماثلا، وكان حذاؤه بنيًا مموهًا ويظهر هذا اللون في صور عناصر الأمن العام في سوريا عند البحث في جوجل.

• طريقة التنفيذ: إطلاق طلقات مباشرة على الرأس، تلاها طلقات إضافية على الجسد للتأكيد.

• تفصيل حركي: رفع القاتل قدمه اليمنى بعد الطلقة الأخيرة، وهي إشارة جسدية قد تُستخدم للمطابقة السلوكية لاحقًا.

• المكان: أضواء بلدة قريبة ظهرت في الخلفية من مستوى منخفض، ما يرجّح أن العملية تمت على مرتفع مشرف على التجمع السكني.
  
  

ثالثًا: التحليل العملياتي

1. إخفاء الهوية: لم يُظهر الفيديو وجوه القاتل أو الضحية، في حين عُرضت الرموز (شعارات/شارات) بشكل متعمد.

2. التطابق في الزي: يوحي بأن القاتل إما عنصر مخترق من الأمن العام أو استعار الزي وألصق فوقه شارة التنظيم لإضفاء بعد دعائي.

3. اختيار الموقع: المرتفع المشرف على البلدة يعزز الرسالة الرمزية بأن التنظيم "قريب" من المجتمع، وقادر على العمل بمحاذاته وأيضا يعطي انطباع انه حاول قتله بعيدا حتى لا ينتبه الناس وهذا يظهر في عدم وجود كاتم صوت على سلاح الجريمة.

4. سلسلة التداول: وجود "أبو رقية" كحلقة وسيطة على واتساب يمثل نقطة ارتكاز يمكن عبرها تضييق نطاق التحقيقات.
   
   

رابعًا: التوصيات الأمنية

• تحليل جغرافي: مطابقة أضواء البلدة الظاهرة مع خرائط طبوغرافية لتحديد المواقع المحتملة للتنفيذ، أظنه أنه تم التوصل إلى المكان فعليا هذا الصباح بحسب ما نشرته بعض وسائل الإعلام السورية المحلية.

• يمكن أن يشكل تتبع نشاط أجهزة Infinix Note 11 في ريف درعا خلال الفترة الزمنية المرجحة مدخلًا مهمًا للتحقيق

• تحليل السلوكيات: مقارنة الحركة الجسدية (رفع القدم اليمنى) مع مقاطع سابقة لعناصر معروفة.

• البحث عن الحذاء: ربط الحذاء البني المموه مع أنماط تجهيز مجموعات محلية أو أفراد بعينهم.

• تحليل الوسط الاجتماعي: التحقق من دائرة "أبو رقية" في واتساب كمدخل محتمل للمصور الأصلي أو المنفذين.
  
  

الخلاصة

المقطع يجمع بين عمل ميداني محدود و إخراج دعائي بسيط مدروس ومحاولة لا بأس بها للتخفي وعدم اثارة الانتباه، يهدف لإظهار التنظيم بمظهر المخترق لصفوف الأمن والفاعل على مقربة من المجتمع المحلي.
غير أن تحليل المسار الرقمي (الهاتف/الوسيط) والمشاهد الميدانية (الموقع/الزي/السلوك) يفتح ثغرات يمكن استثمارها لتضييق النطاق حول الجناة الفعليين.

الصور : 

صورة تظهر حساب المرسل وخيار الإرسال لمرة واحدة ومدة المقطع 

صورة تظهر بوضوح شعار راية العقاب - التي يستخدمها التنظيم - ويظهر أيضا بوضوح "إدارة الأمن العام"


صورة تظهر الأرضية - السجاد - مفرش  الغرفة التي تم تصوير المقطع المنتشر فيها

ملاحظة ختامية

حرصًا على سلامة التحقيقات الجارية، تم حجب بعض الملاحظات التقنية والتفصيلية التي قد تعيق عمل الجهات المعنية.